المعلقه : من روائع مجنون ليلى (قيس ابن الملوح)
--------------------------------------------------------------------------
تذكرت ليلى والسنين الخواليا وايام لا نخشى على اللهو لاهيا
ويوم كظل الرمح قصرت ظله بليلى فلهاني وما كنت لاهيا
بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي بذات الغضى تزجي المطي النواحيا
فقال بصير القوم المحت كوكبا بدا في سواد الليل فرداً يمانيا
فقلت له: بل نار ليلى توقدت بعليا تسامى ضوؤها فبدا ليا
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
فقلت- ولم أملك- لعمرو بن مالك: أحتف بذات الرقمتين بدا ليا
تبدلت من جدواك يا أم مالك وساوس هم يحتضن وساديا
فإن الذي أملت من أم مالك أشاب قذالي واستهام فؤاديا
فليتكم لم تعرفوني وليتكم تخليت عنكم لا علي ولا ليا
خليلي إن بانوا بليلى فقربا لي النعش والأكفان واستغفرا ليا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردوا على عينيّ فضلَ ردائيا
ولا تحسُداني بارك الله فيكما من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
فيومان يوم في الأنيس مرنق ويوم أباري الرائحات الجواريا
إذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني أُصانِعُ رَحلي أن يميل حياليا
يمينا إذا كانت يمينا وإن يكن شِمالاً يُنازِعْني الهوى عن شِماَليا
هي السحر إلاّ أن للسحر رقية وإني لا ألفي لها الدهر راقيا
إذا نحن أدلحنا وأنتِ أمامنا كفى لمطايانا بريحك هاديا
أعدُ الليالي ليلة بعد ليلة وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا
إذا ما طواك الدهر يا أم مالك فشأن المنايا القاضيات وشانيا
رويدا لئلا يركب الحب والهوى عظامك حتى ينطلقن عواريا
ويأخذك الوسواس من لاعج الهوى وتخرس حتى لا تجيب المناديا
خليلي إن دارت غلى أم مالك صروف الليالي فابغيا لي ناعيا
ولا تتركاني لا لخير معجلٍ ولا لبقاءٍ تطلبانِ بقائيا
خليلي ليلى قرة العين فاطلبا إلى قرةِ العينين تشفي سقاميا
خليليي لا والله لا أملك البكا إذا علمٌ من آل ليلى بدا ليا
خليليي لا والله لا أملك الذي قضى الله في ليلى ةلا ما قضى ليا
قضاها لغيري وأبتلاني بحبها فهلاّ بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا
خليلي لا تستنكرا دائم البكا فليس كثيرا أن أديم بكائيا
وكيف وما في العين من مضمر الحشا تضمّنه الأحزان منها مكاويا
فيا رب سوّ الحب بيني وبينها يكون كفافا لا عليّ ولا ليا
وإلاّ فبغضها عليّ وأهلها نكن نعمة ذا العرش أهديتها ليا
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه وإن كنت من ليلى على الناس طاويا
أرى الدهر والأيام تفنى وتنقضي وحبك لا يزداد إلاّ تماديا
فيا رب إن زادت بقية ذنبها على أجرها فانقص لها من كتابيا
قضى الله بالمعروف منها لغيرنا وبالشوق والإبعاد منها قضى ليا
فإن يكُ فيكم بعل ليلى فإنني وذا العرش قد قبّلت ليلى ثمانيا
إذا اكتحلت عيني بعينك لم تزل بخير وأجلت غمرة عن فؤاديا
وأنت التي إن شئت نغصت عيشتي وإن شئت بعد الله أنعمت باليا
وإني لأستغشي وما بي نعسة لعل خيالاً منك يلقى خياليا
وإني إذا صليت وجهت نحوها بوجهي وإن كان المصلّى ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها كعود الشذى أعيا الطبيب المداويا
أُحب من الأسماء ما وافق اسمها وشابهه أو كان منه مدانيا
خليلي ليلى أكبر الحاج والمنى فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا
جليلي ما أرجو من العيش بعدما أرى حاجتي تُشرى ولا تُشترى ليا
وتُجرِم ليلى ثم تزعم أنني سلوتُ ولا سخفى على الناس ما بيا
فلم أر مثلينا خليليْ صبابةٍ أشدَّ على رغم الأعادي تصافيا
خليلن لا نرجو اللقاء ولا نرى خليلين إلاَّ يرجوان تلاقيا
وإني لأستحييكِ أن تعرض المُنى بوصلِكِ أو أن تَعْرِضِي في المنى ليا
فيا ليل كم من حاجة لي مهمة إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا
أخاف إذا نبأتكم أن تردّني فأتركها ثقلاّ عليّ كما هيا
اُصليّ فما أدري إذا ذكرتها اثنتين أُصلي في الضحى أم ثمانيا
وما جئتها أبغي شفائي بنظرةٍ فأُبصرها إلاّ انصرفت بدائيا
دعوت إله الناس عشرين حجةً نهاري وليلي في الأنيس وخاليا
لكي تُبتلى ليلى بمثلٍ بليّتي فيُنصِفَني منها فتعلم حاليا
فلم يَستَجب لي من هواها بدعوةٍ وما زاد بغضي اليوم إلاّ تماديا
وتذنب ليلى ثم تزعم أنني أسأت ولا يخفى على الناس ما بيا
وتُعرض ليلى عن كلامي كأنني قتلت لليلى إخوةً ومواليا
يقول أناس عَلَّ مجنون عامر يروم سلوّاً قلت أنَّى به ليا
بي اليوم داءٌ للهيام أصابني وما مثله داءٌ أصاب سَوائيا
فإن تمنعوا اللَّوام فيها جهالةً فليت الهوى باللائمين مكانيا
لو أن الهوى في حب ليلى أطاعني أطعت ولكن الهوى قد عصانيا
ولي في شعر من كان ذا هوىً يبيت جريح القلب حَرّان ساهيا
فإن يكُ فيكم بعل ليلىفقل له تصدق بليلى طيِّب النفس راضيا
فأشهد عند الله أني أحبها فهذا لها عندي فما عندها ليا
خليلي إن أغلوا بليلى فأغليا عليّ وإن أبقوا فلا تُبقيا ليا
وإن سألوا إحدى يديَّ فأعطيا يميني وإن زادوا فزيدوا شماليا
أمضروبة ليلى على أن أزورها ومتَّخذ جُرماً على أن ترانيا
ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت لها وهجٌ مستَضرَمٌ في فؤاديا
وخبَّرتماني أن تيماء منزل لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنَّا قد انقصت فما للنوى ترمي بليلى المراميا
إذا الحب أصناني دعوا لي طبيبهم فيا عجباً هذا الطبيب المداويا
وقالوا به داء قد أعيا دواؤة وقد علمت نفسي مكان شفائيا
وقد كنت أعلوا الحب حيناً فلم يزل بي النَّقصُ والإبرام حتى علانيا
ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى إلى من تشيها أو بمن جئت واشيا
لئن ظعن الأحبابُ با أم مالك لما ظعن الحبّ الذي في فؤاديا
ألا ليتنا كنا جميعاً وليت بي من الداءِ ما لا يعلمون دوائيا
فما هبت الريح الجنوب بأرضها من الليل إلاَّ بِتّ للريح حانيا
ولا سُمّيت عندي لها من سَميّتٍ من الناس إلاّ بلَّ دمعي ردائيا
فإن تمنعوا لياى وتحموا بلادها عليَّ فلن تحموا عني القوافيا
خليلي أما حب ليلى فقاتلٌ فمن لي بليلى قبل موت علانيا
فلو كان واش باليمامة داره وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
وماذا لهم لا أحسن الله حفظهم من الحظ في تصريم ليلى حباليا
ومن أجلها سُمّيتُ مجنون عامر فِداها من المكروه نفسي وماليا
فلو كنت أعمى أُخبّطَ الأرض بالعصا أصمّ فنادتني أجَبتُ المناديا
وأخرج من بين البيوت لعلَّني أُحدّث عنكِ يا ليلَ خاليا
ولا سرت ميلا من دمشقَ ولا بدا سُهيلُ لأهل الشام إلاّ بدا ليا
ولا طلع النجم الذي يهتدى به ولا البرقُ إلاّهيَّجا ذِكرها ليا
بنفسي وأهلي من لو اني أتيته البحر واستسقيته ما سقا ليا
ومن قد عصيت الناس فيه جماعة وصرّمت خِلاّني به وجفانيا
ومن لو رأى الأعداءَ يكتنفونني لهم غَرضاً يَرمونني لرمانيا
ولم يُنسِني ليلى افتقارٌ ولا غنى ولا توبةٌ حتى احتَضَنْتُ السَّواريا
ولا نسوة صَبَّغنَ كَبْداءَ جَلْعَداً لتشبه ليلى ثم عَرَّضنَها ليا
حلفت لئن لاقيت ليلى خلوة أطوف ببيتِ الله رَجْلاَنَ حافيا
شكرتُ لربي إذ رأئتك نظرةً نَظرت بها لا شك تشفي هياميا